خاص | لا انتخابات مبكرة بالعراق وحكومة السوداني تكمل مدتها الدستورية
تراجع طرح إجراء الانتخابات المبكرة التي كانت حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، قد تعهدت بها نهاية عام 2022 باعتبارها جزءاً من برنامج الحكومة العام الذي اتفقت عليه القوى السياسية في البلاد، فيما تعزو الأوساط العراقية المختلفة ذلك إلى الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرة التي تشهدها المنطقة وانعكاسها على الوضع العراقي الداخلي.
وتضمّن برنامج حكومة السوداني بنوداً كثيرة، ركّز بعضها على إجراء انتخابات مبكرة ومحاربة الفساد والسلاح المتفلت، وحصلت بموجبه على ثقة البرلمان في أكتوبر/تشرين الأول 2022. ويُعدّ مطلب إجراء انتخابات مبكرة من أبرز مطالب "التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر، الذي طالب بها قُبيل تشكيل حكومة السوداني من قبل "الإطار التنسيقي"، وقبل اعتزال الصدر العمل السياسي (أغسطس/ آب 2022).
وقال رحيم العبودي، عضو تحالف "الإطار التنسيقي"، لـ"العربي الجديد"، إن قضية الانتخابات البرلمانية المبكرة، "تلاشت"، مؤكداً أن "التوجه هو استمرار عمل الحكومة وفق عمرها الدستوري لنهاية السنة الحالية". وبيّن العبودي أن "فكرة مشروع الانتخابات المبكرة في العراق تلاشت بشكل أكبر بعد التطورات الأمنية والسياسية الأخيرة في المنطقة خاصة ما شهدته الساحة السورية"، مشيراً إلى أن التغيرات أثرت على الوضع العراقي الداخلي ودفعت نحو التأهب الأمني والعسكري، بما خلق أجواء غير مستقرة وحذرة لا يمكن ان تكون أجواء انتخابية، على حد تعبيره.
وأضاف أن "حكومة السوداني سوف تستمر في ممارسة عملها وبصلاحيات كاملة لغاية موعد إجراء الانتخابات البرلمانية وفق موعدها الدستوري نهاية السنة الحالية، والموعد الرسمي والنهائي سيتم تحديده بالتشاور ما بين القوى السياسية من جهة وما بين الحكومة والمفوضية من جهة أخرى خلال الأشهر القليلة المقبلة، خاصة بعد تمديد عمل مجلس المفوضين من قبل مجلس القضاء الأعلى، والذي قطع الطريق لعرقلة أي جهود تهدف إلى إجراء الانتخابات".
ودعا رئيس الوزراء الأسبق، رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، قبل نهاية العام الماضي، إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة منتصف العام الحالي، بعد حصول خلافات سياسية حادة ما بين قوى "الإطار التنسيقي" الحاكم، إثر قضية شبكة التنصت، لكن الدعوة لم تلاق أي تفاعل سياسي في حينها.
من جانبه، قال مسؤول عراقي بارز في حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة ماضية في إكمال دورتها التشريعية الكاملة حتى نهاية العام الحالي، مضيفاً أن "الدفع كان باتجاه انتخابات في يونيو/حزيران المقبل، لكن هناك اتفاق مبدئي على إلغاء هذا المشروع واعتماد التاريخ الدستوري المقرر نهاية العام الحالي"، معتبراً أن التطورات في المنطقة وعدم جاهزية مفوضية الانتخابات عاملان أساسيان في إلغاء الخطوة وإكمال المدة المتبقية من عمر الحكومة والبالغة نحو 10 أشهر.
وقالت النائب عن تحالف العزم نهال الشمري، لـ"العربي الجديد"، إن "مشروع إجراء انتخابات برلمانية مبكرة ولد ميتاً من الأساس". وتحدثت الشمري عن تأثير التطورات في المنطقة على الملف قائلة "كل الأطراف السياسية، حتى التي كانت على خلاف مع رئيس الوزراء وحكومته أصبحت تدرك ضرورة استمرار دعم الحكومة والإبقاء عليها من دون الذهاب إلى أي انتخابات برلمانية مبكرة".
وبينت أن "هناك إجماعاً سياسياً على إجراء انتخابات مجلس النواب قبل نهاية السنة الحالية بشهر أو شهرين، وهناك عمل فني وقانوني يجري من قبل الحكومة والمفوضية وكذلك البرلمان لترتيب إجراءات تلك الانتخابات، ولا يوجد بعد الآن أي حديث عن التوجه نحو أي انتخابات مبكرة".
وتشكلت حكومة السوداني في أكتوبر/تشرين الأول 2022 بدعم تحالف "إدارة الدولة"، الذي يضم جميع الأحزاب السياسية التقليدية باستثناء التيار الصدري (أصبح اسمه التيار الوطني الشيعي). والتزم السوداني بمبدأ "التقييم" الذي نص عليه برنامجه الحكومي، والذي يتطلب تقييم أداء الوزراء خلال ستة أشهر. وقد بدأ بتنفيذ هذا الالتزام، كما حدث في حالة محافظ القادسية الذي تم استبداله، رغم أن المحافظ الجديد ينتمي إلى حزب سلفه نفسه، ما أثار تساؤلات بين الناشطين حينها. وتتألف الحكومة الحالية من 23 وزارة موزعة بين الأحزاب السياسية السنية والشيعية والكردية، إضافة إلى الأقليات، وفق نظام "المحاصصة" المعروف بالاستحقاق الانتخابي، والذي وصفه مراقبون بأنه "توافقي".